الأواني الفخارية ..عراقة واصالة تعود إلى 7000 سنة قبل الميلاد
على الرغم من توفر أشكال وأصناف مختلفة للأواني الخاصة بالطبخ اليوم إلا أن أجدادنا
وجداتنا لا يزالون يحرصون على استخدام الأواني الفخارية فى طهو الطعام لما تضيفه من
نكهة على الاطعمة تجعلك منشدا لتناولها بشهية.
ويؤكد اختصاصيون فى الاغذية أن الطبخ فى الاوانى الفخارية صحى جدا ولا يشكل خطرا
كما هو الحال مع طناجر ضغط البخار.
ورغم تميز وصحية الطبخ بالاوانى الفخارية نلاحظ أن الذين يقبلون على الطبخ بتلك
الاوانى قليل جدا خاصة بعد تطور الصناعة وظهور أصناف مختلفة ذات تقنية عالية ويقول
بعض الحرفيين فى صناعة الفخار أن مواطنين لايزالون يحرصون على اقتناء الاناء
الفخارى الخاص بالطبخ والشرب ويفضلونه على أغلب الاصناف المنتشرة فى الاسواق.
وطالب هؤلاء بضرورة دعم هذه الصناعة وتمويلها من خلال صناديق الاقراض الحكومية حتى
تبقى قائمة ليتسنى تصنيعها بطرق أفضل وادخال التحسينات عليها مع أنها لاتزال مصدر
رزق للبعض مشيرين الى ان هذه الصناعة تحتاج الى تطوير وتنظيم لتكون وفق أسس تجارية
مدروسة كونها خيارا مفضلا لدى الكثير من المواطنين لانها مصنوعة من مواد طبيعية
ليست لها اثار جانبية اضافة الى القيمة الغذائية والنكهة المميزة للاكل هذا ما أكده
سليمان عيسى من حرفيى هذه المهنة حيث قال انه رغم الطفرة الهائلة واختلاف أنماط
الحياة والعادات مازلنا نتمنى اقتناء أوان فخارية وذلك لجودتها وعدم احتوائها على
مواد معدنية ضارة أو مسرطنة كما هو الحال فى العديد من أدوات الطبخ الحديثة مضيفا
أن صناعة الاوانى الفخارية ليست وليدة اليوم بل هى امتداد لقرون طويلة حافظ عليها
السكان لتبقى رمزا يدل على مهارة بعض الافراد واتقانهم لتلك الصنعة.
ودعا المواطن على أحمد الى ضرورة تبنى الحكومة تلك الحرف لحمايتها من الاندثار
وتسويقها بطريقة حضارية كونها من الحرف التقليدية القديمة والمهمة فى سورية.
ويصنع الفخار من التراب الابيض والاسود والاحمر ويدخل قسم من الرمل فى صناعتها اذ
يتم نخل التراب ونقعه فى أحواض بعدها يصول ويصفى ويجبل ليصبح عجينة جاهزة لصنع
الاوانى والادوات الفخارية وكانت قديما تتم من خلال تحريك الدولاب بالقدمين عبر
تدوير المرحاة أى الدولاب بالارجل فيما يتم التعامل بالاصابع مع الطين المعجون
أثناء دورانه للتحكم بشكل وحجم القطعة الفخارية والان تم تطوير الالة وأصبح الدولاب
على الكهرباء وبعد أن يكتمل بناء القطع الفخارية يتم تعريضها لاشعة الشمس حتى تجف
تماما وتدخل الى الفرن حوالى 100 قطعة متعددة الاحجام من أجل الشواء الذى يستغرق
أربع ساعات وبعد خروجها من الفرن تصبح جاهزة للاستعمال وكانت التربة الصفراء تستعمل
لزخرفة الفخار.
والفخار من الصناعات القديمة فى سورية يعود أقدمها الى عام 7000 قبل الميلاد ويذخر
المتحف الوطنى بدمشق وحلب اللاذقية والرقة ودير الزور والسويداء وباقى متاحف القطر
بالعديد من نماذج الفخار من مختلف العصور والحضارات والحرف التقليدية القديمة التى
اهتم بها الانسان وتدل التنقيبات الاثرية التى أجريت وتجرى فى معظم المناطق أن
الفخار والاوانى الفخارية التى يتم استخراجها كانت منتشرة منذ الاف السنين بسبب
احتياج الانسان للادوات الفخارية لصنع طعامه وحفظ مياهه.
وتشكل الفاخورة الموجودة حاليا فى حمص بحى باب الدريب منذ ستين عاما ارثا حضاريا
وتراثيا هاما وهى القطعة الوحيدة المتبقية من أصل عشرين فاخورة كانت منتشرة فى جميع
الاحياء وهى فى طريقها للزوال بسبب قلة الطلب على الادوات والاوانى الفخارية.
ويقول عدد من تجار هذه الحرفة أن صناعة الفخار تشهد تدهورا كبيرا بسبب انصراف الناس
عن شرائه ومنافسة الصناعات الخزفية والزجاجية المزخرفة التي تغرى الشارى وتدفع به
لشرائها واقتنائها ويتجاهل الناس اليوم تلك الحرفة العريقة التى توارثها الاباء من
الاجداد ليحافظوا عليها من الاندثار تلك الحرفة التي أبدعوا فيها وحملت بصمات
تاريخية وتراثية وكانت تشكل المورد الاقتصادى الاساسى لهم والارث المتبقى من عبق
الماضي.
وسابقا كان الصينيون يصنعون الفخار بأيديهم وظلوا منذ عام 206 قبل الميلاد حتى عام
220 ميلادية يصنعون التماثيل الصغيرة والاشياء الفخارية حتى المواقد الى أن ظهرت فى
نفس العام صناعة الخزف الصينى وكانت تصدره للهند والشرق الاوسط بينما كان الفخار فى
أمريكا يصنع يدويا ويلون بأكاسيد المعادن أو الوان أصباغ نباتية ولم يعرفوا الدولاب
وفى أمريكا الجنوبية تم العثور على فخار يرجع لعام 3200 قبل الميلاد وهو عبارة عن
قدور وفازات ملونة فيما برع المكسيكيون بصناعة السيراميك الخزف منذ عام 1500 قبل
الميلاد وصنعت التماثيل الفخارية الصغيرة المجوفة فى حضارة الاولمك عام 300 ميلادية
وأوان متعددة الالوان وفى أمريكا الشمالية بوادى المسيسبى فى الالفية الاولى قبل
الميلاد كان يصنع الفخار الملون.
وظهرت صناعة الفخار فى الشرق الاوسط مبكرا ففى الاناضول بدأ تصنيعه منذ 6500 سنة
قبل الميلاد فصنعت التماثيل الطينية للعبادة والتماثيل الصغيرة الملونة بالمغرة
الحمراء وكان يصنع يدويا محززا بخطوط أفقية يشوى فى أفران الخبز أو قمائن.
وفى الشام كان يصنع الفخار منذ الالفية الخامسة قبل الميلاد والخزف الملون المزجج
كان يصنع فى شمال بلاد الرافدين فى سمارة وكان يعد من أجود الانواع كما ظهرت
الفسيفساء الملونة لتزيين الاعمدة والكوات فى بلدة وركاء بالعراق وكان يزين به
واجهات المعابد والغرف والمداخل فى بابل ويكون صورا ملونة من الحيوانات كالاسود
والثيران وبلغ الذروة فى استعماله بالقرن السادس قبل الميلاد وفى الالفية الخامسة
قبل الميلاد كان يصنع الخزف الورقى الغامق المصقول بمصر يعلق بالحبل لزينة ثم يدهن
ويزين بأشكال هندسية أو حيوانية حمراء أو بنية أو أصفر داكن.
واشتهرت مصر منذ عام 2000 قبل الميلاد بخزف الفيانس الذى كان يصنع من الزجاج
البركانى الكوارتز ذى اللون الاخضر الغامق أو الازرق اللامع وكان أقرب منه للزجاج
وليس للخزف ومن هذا النوع صنع الحرفيون المصريون الخرز والمجوهرات والجعارين
والاكواب الراقية وتماثيل الاشابتى وفى جزر بحر ايجه وجد الفخار منذ عام 1500 قبل
الميلاد لاسيما فى جزيرتى قبرص وكريت وكان يلون بلونين ويتخذ أشكالا خيالية
ولايستعمل الا للزينة ووضع الكريمات والعطور به ويحلى بتصميمات هندسية أو تجريدية
وفى اليونان كان تشكيل ودهان وتزيين الخزف فنا تقليديا وكان يشكل الطين المحلى على
الدولاب بسهولة يصمم منه أنواعا مختلفة ومميزة لاستخدامات عدة خاصة فى المجامع
الاغريقية وكان الفخار الاسود غير المزين يستعمل فى اليونان أيام العصر الهيلينى.
وكانت هذه الانواع من الخزف قد تأثر به الرومان وكان الاغريق يتقنون حرقه فى أفران
خاصة ويزينونه بصور نباتات وحيوانات تجريدية أو صور خيالية بينما كان النوع الاثينى
الطراز سائدا عام 1000 قبل الميلاد.
وفى عام 530 قبل الميلاد ظهر الفخار الاحمر وكان يصنع فى أثينا وكورنيث وانتشر
شعبيا. والفخار مادة رخيصة قابلة للانكسار واذا
انكسرت يستغنى عنها الانسان فيرجعها لذلك نجد ضمن أنقاض طبقات الخرائب والتلال
الاثرية عددا كبيرا جدا من الكسور الفخارية ونستطيع بواسطة التركيب الطبقى الدقيق
تصنيف فخار كل حضارة على حدة وأن نقدر عمر الطبقات فنتعرف على كل أمة وكل حضارة
علاقاتها مع جيرانها القريبين أو البعيدين ويستطلع علماء الاثار تقدير العمر
التقريبى للفخار بتعريضه للكربون وفحص الالوان المثبتة عليه وطريقة الصنع هل هى
باليد أو بالقالب أو بالدولاب وطريقة تزيين الفخار وهل هو من المنطقة أو مستورد وما
الى ذلك وبواسطة الفخار نتعرف على المستوى الحضارى للامة فى الماضى وأفكارهم
ومعتقداتهم من معاينة الرسوم المتوضعة عليه
دمشق-سانا
|